محافظ البنك المركزي الياباني يلمّح إلى الاستمرار في رفع أسعار الفائدة مع اقتراب التضخم من المستوى المستهدف
تتجه السياسة النقدية في اليابان إلى مرحلة جديدة من التشدد الحذر، بعد عقود من أسعار الفائدة المتدنية والسياسات التيسيرية غير التقليدية. وفي هذا الإطار، أكد محافظ البنك المركزي الياباني كازو أويدا استعداد البنك لمواصلة رفع أسعار الفائدة، في ظل تزايد الثقة بتحقيق هدف استقرار الأسعار عند مستوى 2%، مدعومًا بتغيرات هيكلية في سوق العمل وسلوك الشركات تجاه الأجور والأسعار.
أولًا: تطور أسعار الفائدة في اليابان
أشار أويدا إلى أن معدل الفائدة في اليابان بلغ 0.75%، وهو أعلى مستوى له منذ نحو 30 عامًا، وذلك عقب قرار البنك المركزي رفع الفائدة من حوالي 0.5% إلى 0.75% بتصويتٍ إجماعي من أعضاء مجلس السياسة النقدية. ويعكس هذا القرار تحولًا تدريجيًا في نهج البنك المركزي بعد فترة طويلة من الاعتماد على أسعار الفائدة السلبية والتحفيز النقدي الواسع.
وأكد محافظ البنك أن استمرار رفع الفائدة سيظل مرهونًا بالتطورات الاقتصادية، لا سيما تلك المرتبطة بالتضخم واستدامة نمو الأجور.
ثانيًا: التضخم ونمو الأجور كمحركات رئيسية للقرار النقدي
أوضح أويدا أن البنك المركزي يولي اهتمامًا خاصًا بالآلية التي تتحرك بها الأجور والأسعار بصورة معتدلة ومستقرة، معتبرًا إياها عنصرًا أساسيًا في تقييم السياسة النقدية خلال العام المقبل وما بعده. وفي ظل صعوبة أوضاع سوق العمل، شهدت اليابان تغيرًا ملحوظًا في سلوك الشركات خلال السنوات الأخيرة، حيث أصبحت أكثر استعدادًا لرفع الأجور وتعديل الأسعار، وهو ما يدعم اقتراب الاقتصاد الياباني من تحقيق هدف استقرار الأسعار عند 2%.
وأشار المحافظ إلى أن هذا التحول يعزز ثقة البنك المركزي في استدامة التضخم، وليس مجرد كونه ارتفاعًا مؤقتًا ناتجًا عن عوامل خارجية.
ثالثًا: دلالات الخطاب على السياسة النقدية المستقبلية
يحمل خطاب محافظ البنك المركزي الياباني دلالات واضحة على أن مرحلة التيسير النقدي الشديد تقترب من نهايتها، مع انتقال البنك إلى سياسة أكثر توازنًا بين دعم النمو الاقتصادي والسيطرة على التضخم. كما يعكس الخطاب استعداد البنك للتفاعل بمرونة مع المتغيرات الاقتصادية، دون الالتزام المسبق بمسار محدد لأسعار الفائدة.
ويُفهم من تصريحات أويدا أن أي زيادات مستقبلية في الفائدة ستكون تدريجية ومحسوبة، بهدف تجنب التأثير السلبي على النشاط الاقتصادي أو الاستقرار المالي.
رابعًا: التأثيرات المحتملة على الاقتصاد والأسواق
من شأن استمرار رفع أسعار الفائدة أن يؤثر على عدة جوانب من الاقتصاد الياباني، من بينها:
- تكلفة الاقتراض للشركات والأفراد.
- توجهات الاستثمار المحلي والأجنبي.
- حركة الين الياباني في أسواق الصرف.
كما قد تسهم هذه السياسة في تعزيز مصداقية البنك المركزي في تحقيق استقرار الأسعار بعد سنوات طويلة من مكافحة الانكماش.
تشير تصريحات محافظ البنك المركزي الياباني إلى تحول واضح في السياسة النقدية نحو تشديد مدروس يستند إلى تحسن مؤشرات التضخم ونمو الأجور. ومع وصول الفائدة إلى أعلى مستوياتها منذ ثلاثة عقود، يبدو أن اليابان تدخل مرحلة نقدية جديدة تتسم بالحذر والتدرج، مع تركيز واضح على استدامة التعافي الاقتصادي وتحقيق استقرار الأسعار على المدى المتوسط والطويل.
نصيحة للمستثمرين وصناع القرار
ينصح المستثمرون والمؤسسات المالية بمتابعة تطورات السياسة النقدية اليابانية عن كثب، لا سيما قرارات أسعار الفائدة المرتبطة ببيانات التضخم والأجور، لما لها من تأثير مباشر على أسواق العملات والسندات والأسهم، وكذلك على تدفقات رؤوس الأموال العالمية.




