رئيس التحرير
محمد صلاح
الأخبار

تصاعد النبرة التشددية عالميًا يرفع احتمالات تقلبات حادة في أسعار الفائدة خلال 2026

تشير التطورات الأخيرة في سياسات البنوك المركزية الكبرى إلى تحوّل ملحوظ نحو نهج أكثر تشددًا، ما يعكس بيئة نقدية أقل استقرارًا مما كان متوقعًا قبل أسابيع قليلة. ومع استمرار الضغوط التضخمية في العديد من الاقتصادات المتقدمة، تبدو آفاق عام 2026 أكثر تقلبًا بالنسبة للمستثمرين، مع تزايد احتمالات عودة رفع أسعار الفائدة في بعض الدول.

الزراعي سبتمبر

تحول مفاجئ في توقعات السياسة النقدية

أعادت تصريحات كل من محافظة بنك الاحتياطي الأسترالي، ميشيل بولوك، وعضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، إيزابيل شنابل، إشعال المخاوف في الأسواق، بعد تلميحهما إلى أن الخطوة المقبلة قد تكون رفع أسعار الفائدة وليس خفضها.

  •         تصريحات بولوك فاجأت الأسواق، خاصة أن التوقعات قبل أسابيع كانت تميل إلى خفض الفائدة في أستراليا.
  •         في المقابل، جاءت لهجة شنابل أقل صدمة، لكنها عززت الصورة العامة لتزايد النزعة التشددية بين البنوك المركزية الكبرى.

هذه التطورات تسلط الضوء على بيئة نقدية أكثر تعقيدًا في عام 2026، حيث يُرجّح أن تتجه تكلفة الاقتراض للارتفاع بدلًا من الانخفاض.

التضخم… العامل المشترك

العامل الأساسي وراء هذا التحول هو استمرار معدلات التضخم فوق المستويات المستهدفة في عدد من الاقتصادات المتقدمة، بالتزامن مع بقاء النمو الاقتصادي في مستويات مقبولة نسبيًا. هذا المزيج يضع البنوك المركزية أمام معادلة صعبة بين كبح التضخم وعدم خنق النمو.

موقف الاحتياطي الفيدرالي

في الولايات المتحدة، قام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة كما كان متوقعًا، وأشار إلى احتمال خفض إضافي واحد فقط خلال العام المقبل.

  •         رئيس الفيدرالي جيروم باول أوضح أن السياسة النقدية باتت قريبة من المستوى “المحايد”.
  •       كما أكد أن رفع الفائدة ليس السيناريو المرجح حاليًا، رغم عدم استبعاده بالكامل على المدى الأبعد.

توقعات الأسواق: انعطافة تشددية

تشير تسعيرات الأسواق لسياسات بنوك مجموعة العشرة (G10) إلى ما يلي:

  •         ثلاثة بنوك فقط يُتوقع أن تخفض الفائدة في 2026:
  •         الاحتياطي الفيدرالي (75 نقطة أساس)
  •        بنك إنجلترا (50 نقطة أساس)
  •         بنك النرويج (50 نقطة أساس)
  •         في المقابل، يُتوقع أن يقوم:
  •         بنك كندا برفع الفائدة بنحو 35 نقطة أساس
  •       بنك الاحتياطي الأسترالي برفعها بنحو 50 نقطة أساس

وهو تحول لافت مقارنة بتوقعات سادت قبل أسابيع قليلة فقط، حين كان خفض الفائدة هو السيناريو الأرجح في البلدين.

لماذا هذا التحول؟

تُجمع التحليلات، ومنها تقديرات دويتشه بنك، على أن العديد من البنوك المركزية تمر بوضع غير معتاد، إذ نفذت أسرع دورة خفض للفائدة خارج فترات الركود منذ عقود.

  •         الاحتياطي الفيدرالي: أسرع وتيرة خفض منذ منتصف الثمانينيات.
  •        البنك المركزي الأوروبي: لم يشهد تاريخيًا تخفيفًا نقديًا بهذه القوة دون ركود اقتصادي.

وتُظهر التجارب التاريخية أن التيسير النقدي السريع دون ركود غالبًا ما يؤدي إلى إعادة تسارع النشاط الاقتصادي، خصوصًا إذا تزامن مع سياسات مالية توسعية، ما يفتح الباب أمام عودة أسرع من المتوقع لرفع الفائدة.

يرى محللو دويتشه بنك أن البنوك المركزية “تمشي على حبل مشدود”، في ظل التوازن الدقيق بين السيطرة على التضخم ودعم النمو. ورغم أن احتمالات رفع الفائدة في الولايات المتحدة لا تزال ضعيفة، فإن المناخ العالمي المتشدد يجعل هذا السيناريو غير مستبعد تمامًا بحلول 2026.

يتجه المشهد النقدي العالمي نحو مرحلة أكثر تقلبًا، مع تراجع الرهانات على استمرار التيسير النقدي. وبالنسبة للمستثمرين وصناع القرار، فإن عام 2026 قد يحمل مفاجآت غير سارة على صعيد أسعار الفائدة، ما يستدعي إعادة تقييم استراتيجيات الاستثمار وإدارة المخاطر في ضوء هذا التحول

اعرف / قارن / اطلب