لماذا تهتم الدول بتصنيفها الائتماني .. وما هو دوره في التفاوض مع المؤسسات المالية الدولية ؟
خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، تصنيف مصر السيادي درجة واحدة إلى (B3) من B2))، مشيرة إلى تراجع احتياطياتها من النقد الأجنبي وقدرتها على امتصاص الصدمات الخارجية.
ويعد التصنيف الائتماني واحد من أهم المؤشرات التي تسعى كل دول العالم للحفاظ على قوته ودرجته القوية حيث يعني الجدارة الائتمانية، أو قدرة تلك الكيانات على الحصول على القروض اللازمة، ومدى وفائها بما عليها من التزامات في موعدها، وكلما كان التصنيف الائتماني مرتفع كلمات كان التفاوض مع المؤسسات المالية الدولية والعالمية أسهل في الحصول على القروض وسدادها على فترات زمينة بعيدة إلى حد ما وبأسعار فائدة مناسبة .
وفي هذا التقرير نرصد ماهية التصنيف الائتماني ومدى أهميته ودرجاته وماهية مؤسسات التصنيف الائتماني :
التصنيف الائتماني والوكالات المسؤلة عنه
التصنيف الائتماني يقصد به درجة تظهر حكم مؤسسات التصنيف العالمية على مدى القدرة على سداد الديون، فمعنى أن يكون التصنيف ضعيفا أن هناك احتمالا بألا يستطيع المدين الوفاء بالتزاماته، أما التصنيف المرتفع فيعني استبعاد الاحتمال.
ـ يسهل التصنيف المرتفع على الحكومات والشركات الحصول على تمويل وقروض سواء من الأسواق الداخلية أو الخارجية، وتتم عملية التصنيف بناء على معايير اقتصادية ومحاسبية معقدة أهمها الربحية، ثم الموجودات أو الأصول، والتدفقات المالية التي توضح الوضع المالي للمؤسسة.
ماهي مؤسسات التصنيف الائتماني
ـ تُعرف مؤسسات التصنيف الائتماني على انها شركات خاصة تصدر تقييمات لما يسمى الجدارة الائتمانية لدولة أو مؤسسة ما، وينعكس التصنيف الذي تصدره إيجابا أو سلبا على ثقة المستثمرين في هذه الدولة أو المؤسسة وعلى كلفة استدانتها من الأسواق المالية.
ـ هناك مؤسسات كثيرة تقوم بالتصنيف الائتماني، لكن أشهرها مؤسسات أميركية ثلاث هي "فيتش" و"موديز" و"ستاندر آند بورز"، والتي تهيمن على سوق التصنيفات في العالم. ـ تسيطر هذه الوكالات على نسبة كبيرة من سوق إصدار التصنيفات الائتمانية، يقدرها البعض بنحو 95%، ولكن نصيب موديز وستاندرد آند بورز هو الأكبر، وتتراجع حصة فيتش مقارنة بالوكالتين الأخريين.
ما هي مستويات التصنيف الائتماني
ـ مستويات التصنيف لدى وكالات التصنيف الائتماني، تتراوح ما بين (AAA) "درجة أمان عالية"، وهو أعلى تصنيف للجدارة الائتمانية، وإن كان يتضمن درجات تابعة مثل (AA)، أو (A)، ثم تصنيف (BBB) ويعني جدارة ائتمانية متوسطة" ودرجاته المختلفة، كما هو في التصنيف السابق، ثم التصنيف (CCC) "جدارة ائتمانية عالية المخاطر"، ثم التصنيف الأخير (DDD) "جدارة ائتمانية متعثرة" ودرجاتهما المختلفة كما في التصنيفين السابقين.
- ظهر نشاط التصنيف الائتماني بالولايات المتحدة في القرن الـ19، حيث أدت أزمة 1837 بالمستثمرين إلى استشعار الحاجة إلى تقييم الملاءة الائتمانية للشركات (أي قدرتها على سداد ديونها. (
- عام 1841: ظهرت أول وكالة للتصنيف الائتماني في نيويورك وهي "وكالة التجار".
- عرفت سوق التصنيف الائتماني في الولايات المتحدة تطورا كبيرا مع نمو الشركات المشتغلة في قطاع السكك الحديدية وازدياد حاجتها إلى جمع الأموال من المستثمرين بغرض تمويل مشاريعها التوسعية.
- عام 1909: أنشأ جون مودي "شركة موديز لخدمات المستثمرين".
- عام 1916: تأسست شركة "بورز للنشر"، وشركة ستاندارد للإحصاء في 1922، وشركة فيتش للنشر في 1924.
- عام 1941: اندمجت كل من شركتي ستاندارد وبورز.
- توجد حاليا 3 وكالات كبرى للتصنيف الائتماني تهيمن على أكثر من 90% من سوق التصنيف في العالم، وهي "موديز لخدمة المستثمرين" و"ستاندارد آند بورز للخدمات المالية" و"فيتش للتصنيف الائتماني".
الدور والوظيفة لهذة المؤسسات :
ـ يتمثل دور وكالات التصنيف الائتماني في تقليص ما يصطلح عليه الاقتصاديون بـ"تباين المعلومات" بين المقترضين والمستثمرين، من خلال تزويد الأسواق المالية بمعلومات عن جودة الديون التي يتم إصدارها ومخاطر عدم وفاء المدينين بالتزاماتهم.
ـ تسمح هذه المعلومات للمستثمرين باتخاذ قراراتهم بشأن الاستثمار من عدمه في سندات الديون التي تصدرها الجهات الراغبة في الاقتراض.
ـ تقوم وكالات التصنيف الائتماني بتصنيف الديون التجارية بالنسبة للشركات الخاصة والعمومية التي تلجأ إلى الأسواق المالية لإصدار سنداتها، والديون السيادية بالنسبة للدول أو ما دون السيادية بالنسبة للجماعات الترابية (مجالس بلدية أو جهات)، والمنتجات المالية المركبة التي تدمج بين مشتقات مالية مختلفة.
ـ تعتبر وكالات التصنيف الائتماني أن التصنيفات التي تقوم بها مجرد آراء تعبر عنها، وأنها لا تضمن أي شيء بالنسبة للمستثمرين، وترى تبعا لذلك أنها لا تتحمل العواقب الناجمة عن أي قرار يُتَّخَذ بناء على هذه الآراء.
ـ يضمن التعديل الثاني للدستور الأميركي (حرية التعبير) الحماية لهذه المؤسسات من أي متابعات قانونية جراء تصنيفات خاطئة تصدر عنها.
ـ وكالات التصنيف الائتماني من جهة هي مطالبة بتزويد المستثمرين بمعلومات حقيقية وموضوعية حول الديون المُصنَّفة، ومن جهة أخرى فإن مصلحتها تقضي بمنح تصنيفات جيدة لديون المقترضين الذين يلجؤون إلى خدماتها دون باقي الوكالات، وذلك لزيادة أرباحها وحصتها من السوق.
ـ هذا من شأنه أن يؤدي إلى تنافس غير أخلاقي بين الوكالات ولجوئها جميعا إلى هذا النوع من الممارسات من أجل جلب المزيد من الزبائن، وإن كان ذلك سيتم على حساب المستثمرين الذين يثقون بالتصنيفات التي تصدرها هذه الوكالات. وينطبق الشيء ذاته على المنتجات المالية المركبة التي يتم تصنيفها من قِبل هذه الوكالات.
ـ في حال أرادت أي وكالة تصنيف أن تكون مهنية وصارمة في تقييمها لديون زبائنها أو منتجاتهم المالية، فإن ذلك سيدفع بها بكل بساطة إلى خسارتهم، حيث أنهم سيفضلون وكالات أخرى أقل صرامة.
ـ اقترح بعض الاقتصاديين أن يتم تصنيف الديون والمنتجات المالية بطلب من المستثمرين بدلا من المقترضين الذين ليس من مصلحتهم دائما أن تكون التصنيفات موضوعية، وسيتم بذلك ربط مصلحة وكالات التصنيف بمصالح المستثمرين.