رئيس التحرير
محمد صلاح
الأخبار

الذهب والفضة يواصلان تسجيل مستويات قياسية بدعم من الطلب الاستثماري وتوقعات خفض الفائدة الأميركية

واصلت أسعار الذهب والفضة والمعادن النفيسة الأخرى تسجيل مستويات تاريخية غير مسبوقة، مدفوعة بتزايد الطلب على الملاذات الآمنة، وتراجع الدولار الأميركي، وتصاعد التوقعات باستمرار دورة خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة خلال العام المقبل. ويعكس هذا الأداء الاستثنائي حالة من التحول في توجهات المستثمرين والبنوك المركزية نحو الأصول الحقيقية في ظل الضبابية الاقتصادية والجيوسياسية العالمية.

الزراعي سبتمبر

أداء الذهب في الأسواق العالمية

سجّل الذهب مستوى قياسياً جديداً خلال تعاملات اليوم الأربعاء، متجاوزاً حاجز 4500 دولار للأونصة للمرة الأولى في تاريخه. وارتفع الذهب في المعاملات الفورية بنحو 0.4% ليصل إلى 4503.59 دولار للأونصة بحلول الساعة 00:00 بتوقيت غرينتش، بعد أن لامس مستوى قياسياً أعلى عند 4509.65 دولار في وقت سابق من الجلسة. كما صعدت العقود الأميركية الآجلة للذهب تسليم فبراير بنسبة 0.7% لتسجل مستوى قياسياً بلغ 4540.60 دولار للأونصة، ما يعكس استمرار الزخم الصعودي في الأسواق الآجلة إلى جانب السوق الفورية.

تطورات الفضة والدولار

واصلت الفضة بدورها تحقيق مكاسب قوية، حيث ارتفعت في المعاملات الفورية بنسبة 0.5% إلى 71.80 دولار للأونصة، بعد أن سجلت أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 71.85 دولار. وجاء هذا الارتفاع بالتزامن مع تراجع الدولار الأميركي إلى أدنى مستوى له في نحو ثلاثة أشهر مقابل سلة من العملات الرئيسية، ما عزز جاذبية المعادن المقومة بالدولار للمستثمرين خارج الولايات المتحدة.

مكاسب قياسية منذ بداية عام 2025

حقق الذهب أداءً استثنائياً منذ بداية عام 2025، حيث ارتفعت أسعاره بنحو 72% حتى الآن، مسجلاً مستويات قياسية متكررة. ويعكس هذا الارتفاع القوي تحولاً واضحاً في شهية المستثمرين نحو الأصول الآمنة في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي. وفي المقابل، تفوقت الفضة على الذهب بأداء أكثر قوة، حيث ارتفعت بنحو 149% منذ بداية العام، مدفوعة بعوامل هيكلية تتعلق بعجز المعروض، وارتفاع الطلب الصناعي، إلى جانب إدراجها ضمن قائمة المعادن الحرجة في الولايات المتحدة.

العوامل الداعمة لأسعار المعادن النفيسة

استفادت أسعار الذهب والفضة خلال العام الجاري من مجموعة من العوامل المتداخلة، من أبرزها اتجاه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إلى خفض أسعار الفائدة، وتوقعات الأسواق بمواصلة التيسير النقدي خلال الفترة المقبلة. كما لعبت الصراعات الجيوسياسية العالمية دوراً محورياً في تعزيز الطلب على الملاذات الآمنة، إلى جانب الطلب القوي من البنوك المركزية الساعية إلى تنويع احتياطياتها بعيداً عن الدولار الأميركي. وشهدت الصناديق المتداولة في البورصة المدعومة بالذهب زيادة ملحوظة في التدفقات الاستثمارية، ما عزز من الزخم الصعودي للأسعار.

أداء البلاتين والبلاديوم

لم تقتصر المكاسب على الذهب والفضة فقط، إذ سجلت المعادن النفيسة الأخرى ارتفاعات قوية. فقد ارتفع البلاتين في المعاملات الفورية بنسبة 2.9% ليصل إلى 2342.25 دولار للأونصة، بعد أن سجل أعلى مستوى له على الإطلاق عند 2347.40 دولار. كما صعد البلاديوم بنحو 3% ليصل إلى 1919.69 دولار للأونصة، مسجلاً أعلى مستوى له منذ ثلاث سنوات، مدعوماً بتحسن الطلب الصناعي وتوقعات نقص المعروض.

آفاق الأسواق وتوقعات السياسة النقدية

على صعيد الاقتصاد الكلي، لا يزال المتعاملون في الأسواق يتوقعون خفض أسعار الفائدة الأميركية مرتين خلال العام المقبل، وهو ما يدعم استمرار الاتجاه الصعودي للمعادن النفيسة، خاصة في ظل ضعف الدولار وتزايد المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية.

تعكس المستويات القياسية التي سجلتها أسعار الذهب والفضة والمعادن النفيسة الأخرى تحولاً استراتيجياً في سلوك المستثمرين نحو الأصول الآمنة، مدفوعاً بتراجع العوائد الحقيقية وتوقعات استمرار التيسير النقدي العالمي. وفي ظل استمرار الضغوط الجيوسياسية والاقتصادية، تبقى المعادن النفيسة، وفي مقدمتها الذهب، مرشحة للحفاظ على جاذبيتها كأداة تحوط رئيسية خلال المرحلة المقبلة.

اعرف / قارن / اطلب