رويترز: إشارة البنك المركزي الياباني المتشددة توحي بأن رفع الفائدة القادم قد يكون أقرب مما تتوقع الأسواق
أثار التعليق الغامض لمحافظ بنك اليابان كازو أويدا حول توقيت رفع أسعار الفائدة المقبلة موجة جديدة من الترقب في الأسواق المالية، حيث تُظهر الأدلة الخفية أن البنك قد يُقدم على خطوات رفع الفائدة أسرع من توقعات الأسواق. جاءت هذه التصريحات بعد قرار البنك رفع الفائدة إلى أعلى مستوياتها منذ 30 عامًا، في خطوة تؤكد استمرار توجهه التصاعدي لمواجهة التضخم وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
رفع الفائدة وأثره على الأسواق
شهدت الأسواق ارتفاع عوائد السندات اليابانية إلى مستويات تاريخية، بينما تذبذبت عملة الين نتيجة التباين بين توقعات المستثمرين وتقييماتهم لمستوى السياسة النقدية اليابانية مقارنة بالعوائد الأميركية. لكن تحليل خبراء الاقتصاد يشير إلى أن غموض بنك اليابان في التواصل يهدف إلى الحفاظ على مرونة التوقيت، مع التزام واضح بمواصلة رفع تكاليف الاقتراض لدعم استقرار الأسعار.
مؤشرات على رفع الفائدة المبكر
تشير التقديرات إلى احتمال أن يستأنف بنك اليابان دورة رفع الفائدة بمعدل تقريبًا مرة كل ستة أشهر، مع توقع ثلاث زيادات إضافية قد تصل بالفائدة إلى 1.5% خلال العام المقبل، أحدها محتمل بين يونيو ويوليو. ويرتبط توقيت أي خطوة بمؤشرات التضخم القادمة، مع احتمال تسريع الخطوات في حال شهدت اليابان تسارعًا في الأسعار.
حاليًا، تتوقع الأسواق أن يكون رفع الفائدة التالي في النصف الثاني من العام المقبل، إلا أن بعض المصادر تشير إلى احتمال مبكر في أبريل، مع استمرار الترجيحات بهوامش تفاوت حسب البيانات الاقتصادية القادمة.
دلائل صريحة على موقف متشدد
قدم محافظ بنك اليابان إشارات متشددة واضحة رغم حفاظه على غموضه النسبي، منها:
- تعديل توقعات النمو الخارجي للأفضل، مع تراجع المخاوف المرتبطة بالتعريفات الأميركية.
- التأكيد على استمرار البنك في رفع الفائدة لتحقيق هدف التضخم عند 2%، مع توقع زيادة أجور الشركات في العام المقبل.
- وصف أسعار الفائدة الحقيقية بأنها "منخفضة جدًا"، رغم سلسلة الزيادات السابقة، ما يعكس قدرة الاقتصاد الياباني على تحمل ارتفاع تكاليف الاقتراض.
الين والضغوط التضخمية
تظل تحركات الين عاملاً رئيسيًا في اتخاذ قرارات رفع الفائدة. فقد أدى تراجع الين إلى رفع تكاليف الواردات، مما يضيف ضغوطًا على التضخم الأساسي ويزيد من احتمالية تسريع وتيرة رفع الفائدة. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يؤدي نقص العمالة وتوسيع الإنفاق الحكومي إلى مزيد من الضغوط على الأسعار، ما قد يسرّع خطوات السياسة النقدية في المستقبل القريب.
ما التالي في السياسة النقدية؟
ستتضح الصورة بشكل أكبر خلال اجتماع البنك المقبل في 22-23 يناير، حين يصدر البنك توقعاته الفصلية للنمو والأسعار. قد تؤكد هذه التوقعات الحاجة إلى رفع الفائدة بوتيرة أسرع، وهو ما سيعكس تقدير البنك للضغوط التضخمية المتزايدة وقد يغير التوقعات الحالية للأسواق بشأن معدل الفائدة النهائي.
تشير التطورات الأخيرة إلى أن بنك اليابان على طريق التشدد التدريجي في سياسته النقدية، مع مرونة في التوقيت لكنه مستعد للتحرك بسرعة إذا ارتفعت الضغوط التضخمية أو استمر ضعف الين. الأسواق تواجه تحديًا في التقدير الصحيح لمستوى الفائدة النهائي، في ظل مخاطر تضخمية صاعدة وضغوط على العملة الوطنية، ما يجعل أي تحرك للبنك في العام المقبل محط اهتمام عالمي ومؤثرًا على أسواق السندات والعملات بشكل كبير.




