رئيس التحرير
محمد صلاح
الأخبار

البنك المركزي الأوروبي يختتم 2025 بتثبيت أسعار الفائدة للمرة الرابعة توالياً وسط استقرار التضخم

أنهى البنك المركزي الأوروبي عام 2025 بنهج حذر في سياسته النقدية، بعدما قرر تثبيت أسعار الفائدة للمرة الرابعة على التوالي، في خطوة تعكس ثقته المتزايدة في مسار التضخم، وفي الوقت نفسه إدراكه لحساسية الأوضاع الاقتصادية في منطقة اليورو. ويأتي هذا القرار في ظل توازن دقيق بين دعم النمو الاقتصادي والحفاظ على استقرار الأسعار، وسط تحديات داخلية وخارجية لا تزال تؤثر على آفاق الاقتصاد الأوروبي.

الزراعي سبتمبر

تفاصيل قرار السياسة النقدية

أعلن البنك المركزي الأوروبي، عقب اجتماع مجلس المحافظين في فرانكفورت، الإبقاء على سعر الفائدة على الودائع عند مستوى 2%، وهو السعر الأكثر متابعة من قبل البنوك والمودعين، لما له من تأثير مباشر على السيولة والائتمان داخل النظام المصرفي. كما تقرر تثبيت سعر الفائدة على عمليات إعادة التمويل الرئيسية عند 2.15%، وسعر تسهيل الإقراض الهامشي عند 2.4%، دون أي تغيير، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.

ويُعد هذا القرار استمراراً لنهج التثبيت الذي اتبعه البنك خلال اجتماعات يوليو وسبتمبر وأكتوبر، بعد سلسلة من التخفيضات في أسعار الفائدة خلال النصف الأول من العام، والتي جاءت عقب فترة تشديد نقدي قوية شهدت وصول سعر الفائدة على الودائع إلى 4% حتى عام 2024.

مبررات التثبيت وتقييم التضخم

أوضح البنك المركزي الأوروبي أن قراره يستند إلى كون التضخم يسير على المسار الصحيح للاستقرار حول الهدف الرسمي البالغ 2%. وتشير البيانات الأخيرة إلى أن الضغوط التضخمية باتت أكثر احتواءً مقارنة بالسنوات السابقة، رغم استمرار ارتفاع أسعار الخدمات، وهو ما أبقى التضخم قريباً من المستوى المستهدف دون انحرافات حادة.

آراء وتحليلات الخبراء

توقع رئيس الأبحاث في مجموعة إكويتي، أحمد عزام، تثبيت أسعار الفائدة خلال الاجتماع، مؤكداً أن التركيز الحقيقي للأسواق لا ينصب فقط على القرار ذاته، بل على التوجيهات المستقبلية الصادرة عن البنك المركزي الأوروبي. وأشار إلى أن تصريحات رئيسة البنك، كريستين لاغارد، بشأن المستوى الحيادي للفائدة ستكون العامل الحاسم في فهم الاتجاه القادم للسياسة النقدية، لا سيما في ظل تنامي المخاوف من دخول اقتصاد منطقة اليورو مرحلة ركود محتملة. كما لفت إلى أن التوترات الجيوسياسية العالمية قد تفرض ضغوطاً إضافية على التوقعات الاقتصادية خلال الفترة المقبلة.

أداء الاقتصاد الأوروبي في 2025

على صعيد النشاط الاقتصادي، أظهرت أحدث بيانات النمو في منطقة اليورو أداءً أفضل من توقعات البنك المركزي الأوروبي، مدعومة بقدرة المصدرين الأوروبيين على التكيف مع الرسوم الجمركية الأميركية بشكل أكثر فاعلية من المتوقع. كما ساهم الإنفاق المحلي القوي في ألمانيا في تعويض آثار تباطؤ قطاع التصنيع، ما وفر دعماً إضافياً للنمو وأضفى قدراً من المرونة على الاقتصاد الأوروبي ككل.

توقعات الفائدة خلال الأعوام المقبلة

وفقاً لاستطلاع أجرته وكالة «رويترز»، يرجّح معظم خبراء الاقتصاد أن يبقي البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة دون تغيير خلال عامي 2026 و2027. ومع ذلك، فإن التوقعات للعام الثاني جاءت متباينة على نطاق واسع، حيث تراوحت التقديرات بين 1.5% و2.5%، ما يعكس حالة عدم اليقين المرتبطة بتطورات التضخم والنمو والظروف الجيوسياسية.

يعكس قرار البنك المركزي الأوروبي بتثبيت أسعار الفائدة في ختام 2025 توجهاً حذراً ومتوازناً في إدارة السياسة النقدية، يجمع بين الاطمئنان النسبي لمسار التضخم، والحذر من المخاطر التي تهدد النمو الاقتصادي. وبينما تدخل منطقة اليورو عام 2026 بمستويات فائدة منخفضة نسبياً، تبقى التوجيهات المستقبلية والتطورات العالمية العامل الحاسم في تحديد ما إذا كان هذا الاستقرار سيمتد، أم أن السياسة النقدية ستشهد تعديلات جديدة استجابة لمتغيرات الاقتصاد الكلي.

اعرف / قارن / اطلب