قانون البنك المركزي وفتاوى دار الإفتاء تؤكدان: البيتكوين غير جائز شرعًا ومحظور قانونًا

- البيتكوين بين التحريم الشرعي والحظر القانوني في مصر
سجلت عملة البيتكوين (Bitcoin) ارتفاعًا قياسيًا أمس لتتجاوز حاجز الـ121 ألف دولار أمريكي، حيث وصلت إلى 121,628 دولار، قبل أن تنخفض بشكل حاد في أقل من 24 ساعة لتصل إلى 117,406 دولار، أي بتراجع بلغ 4,222 دولارًا في يوم واحد فقط. ويعكس هذا التقلب الحاد طبيعة الأسواق المرتبطة بالعملات المشفرة، التي تُعد من أكثر الأدوات المالية مخاطرة نظرًا لغياب المؤشرات الاقتصادية الدقيقة التي يمكن من خلالها التنبؤ بحركة أسعارها.

ورغم الاهتمام العالمي المتزايد بتلك العملات، فإن البيتكوين يظل محاطًا بجملة من المخاطر المالية والقانونية، فضلاً عن الإشكاليات الشرعية. ويأتي في مقدمة هذه المخاطر غياب جهة إصدار معلومة، إذ تُنتج عملة البيتكوين عبر عمليات “التعدين” وتُتداول بين أطراف بشكل مباشر peer-to-peer دون وجود كيان منظم أو مشرف. هذا الأمر يفتح الباب أمام العديد من التحديات، أبرزها صعوبة تسوية النزاعات القانونية بين الأطراف، وارتفاع احتمالات الاحتيال نتيجة التعامل خارج المظلة المصرفية الرسمية، بالإضافة إلى إمكانية التلاعب في المعاملات الرقمية.
من ناحية أخرى، تُعد مسألة غياب الغطاء المالي أو الأصول الحقيقية التي تدعم البيتكوين – في حال اعتبارها عملة – من أبرز أسباب ارتفاع المخاطر المرتبطة بها. فالتعامل بعملة غير مغطاة يزيد من احتمالات التذبذب السعري ويفتح الباب أمام إشكاليات اقتصادية مثل التضخم وفقدان الثقة النقدية.
الإطار القانوني في مصر
أكد البنك المركزي المصري في أكثر من مناسبة تحذيره من التعامل بالعملات المشفرة، مستندًا إلى المادة (206) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي رقم 194 لسنة 2020، التي تنص صراحة على:
“يُحظر إصدار العملات المشفرة أو النقود الإلكترونية أو الاتجار فيها أو الترويج لها أو إنشاء أو تشغيل منصات لتداولها أو تنفيذ الأنشطة المتعلقة بها دون الحصول على ترخيص من مجلس الإدارة طبقاً للقواعد والإجراءات التي يحددها.”
ويُعاقب المخالف لأحكام هذه المادة بالحبس وغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تتجاوز عشرة ملايين جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفي حالة العود يُحكم بالحبس والغرامة معًا.
وبالتالي، فإن التعامل بالبيتكوين أو غيرها من العملات المشفرة سواء بالشراء أو الإصدار أو التداول، يُعد محظورًا قانونًا في السوق المصري دون ترخيص رسمي من الجهات المعنية، وهو أمر لم يتم حتى الآن.
الحُكم الشرعي
من الناحية الشرعية، أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى واضحة بعد بحث مستفيض ومراجعة آراء المتخصصين في الاقتصاد والمالية، أكدت فيها أن تداول العملات الإلكترونية وعلى رأسها البيتكوين، حرام شرعًا. واستندت الفتوى إلى عدد من الأسباب، من أبرزها:
- الأضرار الاقتصادية المترتبة على استخدامها.
- اختلال ميزان السوق ومفهوم العمل المشروع.
- غياب الحماية القانونية والرقابة المالية على المتعاملين بها.
- الافتيات على السلطات المالية في الدول وسلب اختصاصاتها.
- الغرر والجهالة والغش في معيار وقيمة هذه العملات.
كما أكدت الفتوى أن ما تشتمل عليه تلك العملات من مخاطر مرتفعة على الأفراد والدول يدخل تحت القاعدة الفقهية “لا ضرر ولا ضرار”، فضلًا عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: “من غشنا فليس منا”.
وأجمعت غالبية الفقهاء على عدم جواز التعامل بالبيتكوين لما فيها من جهالة من ناحية الإصدار، وغرر كبير نتيجة التذبذب المستمر في الأسعار وآليات التداول غير الواضحة.
في النهاية
رغم الجاذبية التي قد توحي بها الأرباح السريعة من العملات المشفرة، فإن الواقع يكشف عن حقيقة مختلفة؛ مليئة بالتقلبات، غامضة في التنظيم، ومحفوفة بالمخاطر. ومن ثم، فإن البيتكوين وسائر العملات المشابهة غير جائزة قانونيًا في مصر، ومحرّمة شرعًا، نظرًا لما تسببه من أضرار مالية ومجتمعية كبيرة، وغياب الضمانات القانونية والمؤسساتية لحماية المتعاملين بها.