«آي صاغة»: تراجع أسعار الذهب محليًا وعالميًا مع ترقّب بيانات سوق العمل الأمريكية واتجاهات الفائدة
شهدت أسعار الذهب تراجعًا في كلٍ من السوق المحلية والبورصة العالمية خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، في ظل حالة من الحذر والترقّب التي تسيطر على الأسواق، انتظارًا لصدور مجموعة من البيانات الاقتصادية الأمريكية المهمة، وعلى رأسها بيانات سوق العمل، والتي من شأنها أن تعيد تشكيل توقعات السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي خلال الفترة المقبلة وحتى عام 2026، وفقًا لتقرير صادر عن منصة «آي صاغة» المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات.
وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن أسعار الذهب في السوق المحلية سجلت تراجعًا بنحو 15 جنيهًا خلال تعاملات اليوم، حيث بلغ سعر جرام الذهب عيار 21، وهو الأكثر تداولًا في السوق المصرية، مستوى 5740 جنيهًا، وذلك بالتزامن مع انخفاض سعر الأوقية في البورصة العالمية بنحو 10 دولارات، لتسجل حوالي 4295 دولارًا.
وأضاف إمبابي أن سعر جرام الذهب عيار 24 سجل نحو 6560 جنيهًا، في حين بلغ سعر جرام الذهب عيار 18 مستوى 4920 جنيهًا، بينما سجل سعر الجنيه الذهب نحو 45,920 جنيهًا، متأثرًا بالتراجع الطفيف في الأسعار العالمية وحالة الترقب التي تسيطر على المستثمرين.
وأوضح المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة» أن أسعار الذهب تراجعت دون مستوى 4300 دولار للأوقية، في ظل انتظار المستثمرين لبيانات سوق العمل الأمريكية المرتقبة، مؤكدًا أن هذه البيانات تمثل عاملًا حاسمًا في تحديد اتجاهات الأسواق خلال الفترة المقبلة. وأشار إلى أن صدور بيانات أقل من التوقعات قد يدعم أسعار الذهب ويعزز مكاسب المعدن الأصفر، في حين أن البيانات الأقوى من المتوقع قد تؤدي إلى تقلبات حادة في الأسعار، نتيجة تغير رهانات الأسواق بشأن توجهات السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.
ولفت إمبابي إلى أن الأسواق العالمية تميل حاليًا إلى تبني سياسة الترقب والانتظار قبيل صدور البيانات الاقتصادية المهمة، خاصة في أعقاب تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، خلال الاجتماع الأخير للبنك المركزي الأمريكي، والتي أشار فيها إلى أن غالبية أعضاء لجنة السوق المفتوحة باتوا يرون أن مخاطر تباطؤ سوق العمل تفوق في الوقت الراهن مخاطر التضخم.
وبحسب إمبابي، أسهمت هذه التصريحات في تعزيز توقعات الأسواق بشأن إمكانية خفض أسعار الفائدة مرة أخرى خلال الفترة المقبلة، وهو ما وفر قدرًا من الدعم لأسعار الذهب، مشيرًا إلى أن بيانات سوق العمل لشهر نوفمبر، المنتظر صدورها اليوم، قد تؤكد هذه التوقعات، وتدفع أسعار الذهب للعودة مجددًا فوق مستوى 4300 دولار للأوقية.
وفي المقابل، حذر إمبابي من أن صدور بيانات أقوى من المتوقع قد يؤدي إلى تغيير توجهات لجنة السوق المفتوحة، ويعيد تركيز صناع السياسات على ملف التضخم، الأمر الذي قد يثير الشكوك حول وتيرة خفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، ويزيد من حدة التقلبات في الأسواق المالية العالمية، بما في ذلك سوق الذهب.
وتتركز أنظار المستثمرين حاليًا على تقارير الوظائف غير الزراعية المؤجلة لشهري أكتوبر ونوفمبر، والتي تأخر صدورها بسبب الإغلاق الحكومي الأخير في الولايات المتحدة، في وقت لا يزال فيه مسار السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي العامل الأكثر تأثيرًا في معنويات الأسواق، خاصة بعد خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال الأسبوع الماضي.
وكان مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد خفض أسعار الفائدة بإجمالي 75 نقطة أساس منذ بداية العام الجاري، مدفوعًا بمؤشرات تباطؤ سوق العمل الأمريكي، وذلك رغم استمرار معدلات التضخم عند مستويات أعلى من المستهدف الرسمي البالغ 2%.
ومن المتوقع أن تلعب البيانات الاقتصادية الأمريكية المرتقبة دورًا محوريًا في توجيه توقعات أسعار الفائدة على المدى القريب، حيث قد تعزز القراءات الضعيفة احتمالات لجوء صناع السياسات النقدية إلى تسريع وتيرة التيسير النقدي، بما ينعكس إيجابًا على أسعار الذهب باعتباره أحد أبرز أدوات التحوط.
وإلى جانب بيانات الوظائف غير الزراعية، يترقب المتعاملون في الأسواق العالمية صدور بيانات التغير في التوظيف الصادرة عن مؤسسة ADP، فضلًا عن بيانات مبيعات التجزئة، والقراءات الأولية لمؤشر مديري المشتريات العالمي (PMI) الصادر عن مؤسسة S&P Global، والتي تعد مؤشرات مهمة على أداء الاقتصاد الأمريكي.
وتشير تقديرات الاقتصاديين إلى أن الاقتصاد الأمريكي قد يضيف نحو 50 ألف وظيفة خلال شهر نوفمبر، مع استقرار معدل البطالة عند مستوى 4.4%، على أن يتضمن التقرير مراجعة جزئية لبيانات شهر أكتوبر، في ظل عدم اكتمال جمع البيانات خلال فترة الإغلاق الحكومي. وللمقارنة، كان الاقتصاد الأمريكي قد أضاف نحو 119 ألف وظيفة خلال شهر سبتمبر الماضي.
وكان جيروم باول قد أشار خلال الاجتماع الأخير للجنة السوق المفتوحة إلى أن بيانات الوظائف غير الزراعية منذ شهر أبريل ربما تكون مبالغًا فيها بنحو 60 ألف وظيفة، مؤكدًا في الوقت ذاته أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي يمتلك مساحة كافية للانتظار ومراقبة تطورات الاقتصاد الأمريكي، رغم استمرار حالة الانقسام بين صناع السياسات بشأن الحاجة إلى مزيد من التيسير النقدي خلال عام 2026.
وتُظهر توقعات الأسواق، وفقًا لأداة CME FedWatch، اتجاهًا واسعًا نحو تثبيت أسعار الفائدة خلال اجتماع يناير المقبل، مع احتمال يقترب من 40% لخفض أسعار الفائدة خلال اجتماع مارس القادم، وهو ما يعكس حالة عدم اليقين التي تسيطر على الأسواق.
وفي السياق ذاته، قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، جون ويليامز، إن السياسة النقدية الأمريكية أصبحت في وضع مناسب مع دخول الولايات المتحدة عام 2026، متوقعًا تراجع معدلات التضخم، مقابل تزايد المخاطر المرتبطة بتباطؤ سوق العمل.
في المقابل، شدد محافظ مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ستيفن ميران، على موقفه الداعم لمزيد من التيسير النقدي، معتبرًا أن ضغوط التضخم الأساسية أقل حدة مما تعكسه المؤشرات العامة، محذرًا من أن الإبقاء على سياسة نقدية تقييدية بشكل مفرط قد يؤدي إلى خسائر غير ضرورية في الوظائف، ومؤكدًا رغبته في رؤية أسعار فائدة أقل خلال الفترة المقبلة.
وعلى الصعيد الجيوسياسي، ساهمت الأنباء المتعلقة بإحراز تقدم في محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا، بقيادة الولايات المتحدة، في تهدئة نسبية للتوترات الجيوسياسية، الأمر الذي حدّ من تدفقات الملاذ الآمن نحو الذهب. وأشار مسؤولون أوكرانيون إلى تحقيق “تقدم حقيقي” في محادثات برلين، مؤكدين أن المناقشات مع المبعوثين الأمريكيين كانت بناءة، وتناولت تقديم ضمانات أمنية قوية لكييف.
كما أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق سلام في المستقبل القريب، في حين أكد مسؤولون أمريكيون استعداد واشنطن لتقديم ضمانات أمنية شبيهة بتلك التي يوفرها حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ضمن إطار تفاوضي محتمل، وهو ما انعكس على تراجع الطلب على الذهب كملاذ آمن خلال تعاملات اليوم.




