رئيس التحرير
محمد صلاح
الأخبار

بنك قطر الوطني QNB يتوقع صمود أسعار النحاس أمام التحديات الكلية بفضل العوامل المواتية طويلة الأمد

بنك قطر الوطني QNB
بنك قطر الوطني QNB
هل الموضوع مفيد؟
شكرا

رجح بنك قطر الوطني QNB  ألا تتأثر أسعار النحاس بالضغوط الكلية الدورية، وذلك بفضل عوامل داعمة قوية مثل الأسعار النسبية "الرخيصة"، والدعم المتأتي من أسواق الصرف الأجنبي، والتوازن الملائم بين العرض والطلب الذي تهيمن عليه الاتجاهات الصناعية طويلة الأجل.


 

واعتبر بنك قطر الوطني QNB  في تقريره الأسبوعي السلع الأساسية حجر الزاوية في الاقتصاد العالمي، فهي تغذي العمليات الملموسة التي تدعم الجوانب المادية للحياة الحديثة. وفي النطاق الأوسع للسلع الأساسية، يحتل النحاس مكانة بارزة باعتباره المعدن الأساسي الأكثر تداولا في العالم. بفضل خصائصه التي لا مثيل لها كموصل فعال للكهرباء وتعدد استخداماته، فإن النحاس عنصر لا غنى عنه في الكثير من الصناعات التي تشمل البناء والبنية التحتية والنقل والسلع المعمرة.

 

وقال التقرير أنه إلى جانب فوائده الصناعية، ظلت أسعار النحاس منذ فترة طويلة مؤشرا استشرافيا للزخم الاقتصادي. ونظرا لأن التحولات في الطلب على النحاس غالبا ما تسبق التغييرات الأوسع نطاقا في النشاط الاقتصادي، فإن المشاركين في السوق يعتبرونه بمثابة مؤشر لاتجاهات الاستثمار ونقاط التحول الدورية. وقد أكسبت هذه التوقعات النحاس أهمية بالغة لدرجة أن البعض أسماه "دكتور نحاس" نتيجة لدوره الفعال في تحديد الاتجاهات الاقتصادية، كما لو كان خبيرا يحمل درجة الدكتوراه في الاقتصاد.

 

وتجاوزت أسعار النحاس بشكل كبير نطاق تداولها التاريخي، حيث تبلغ الآن حوالي 4.6 دولار أمريكي للرطل، وهي قفزة واضحة تتجاوز الذروات السابقة التي شوهدت بعد الأزمة المالية العالمية وأثناء طفرة الاستثمار في مرحلة ما بعد جائحة كوفيد. ويعتبر هذا الصعود لافتا بشكل خاص نظرا للتدهور الأخير في آفاق النمو العالمي، بعد التعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب، والتي كان من المتوقع أن تؤدي إلى تثبيط الطلب. بدلا من ذلك، فإن صمود أسعار النحاس يؤكد قوة العوامل الهيكلية الأكثر عمقا.

 

وأرجع التقرير الطلب القوي على النحاس وبقاء أسعاره على ارتفاع خلال السنوات القادمة إلى ثلاثة عوامل رئيسية، أولها أن مختلف مؤشرات القيمة النسبية تشير إلى إمكانات كبيرة لارتفاع أسعار النحاس. فعلى الرغم من المكاسب الاسمية الأخيرة، لا تزال أسعار النحاس منخفضة بنحو 13% بالقيمة الحقيقية (معدلة وفقا لتضخم مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي) مقارنة بذروتها في عام 2008 خلال الأزمة المالية العالمية.

 

ويتناقض هذا بشكل حاد مع الارتفاع الحقيقي القوي الذي شهدته معادن أخرى مثل الذهب والبلاديوم والفضة، حيث كان مسار النحاس أشبه بمسار مزيج السلع الأساسية الأوسع نطاقا، والذي عانى أيضا من انخفاض كبير في أسعار الطاقة الحقيقية. وهذا يشير إلى أن النحاس "رخيص" ويمكن أن يرتفع سعره بشكل كبير قبل حدوث أي انخفاض في الطلب.

 

العامل الثاني الذي أورده التقرير تعلقت بديناميكيات أسعار الصرف الأجنبي التي توفر دعما إضافيا لأسعار النحاس. تاريخيا، أظهر النحاس علاقة عكسية قوية مع الدولار الأمريكي - حيث يرتفع عادة عندما يضعف الدولار الأمريكي وينخفض عندما يكون هذا الأخير قويا. وقد انخفضت قيمة الدولار الأمريكي بالفعل بأكثر من 7.8% مقابل سلة من العملات الرئيسية منذ بداية العام.

 

علاوة على ذلك، أوضح التقرير أنه على الرغم من هذا الانخفاض الحاد في القيمة، لا تزال تقييمات العملات تشير إلى أن قيمة الدولار الأمريكي مبالغ فيها بنحو 18%، مما يشير إلى وجود مجال أكبر لانخفاض قيمته في المستقبل. ومن شأن ضعف الدولار الأمريكي أن يعزز القوة الشرائية العالمية للسلع المقومة به مثل النحاس، مما يحفز الطلب ويوفر دعما إضافيا للأسعار.

 

ورأى التقرير لدى تناوله العامل الثالث في تحليله أن ندرة النحاس على المدى المتوسط والطويل، تمهد الطريق لارتفاع الأسعار هيكليا. في جانب الطلب، من المقرر أن يتسارع استهلاك النحاس بشكل حاد، مدفوعا ليس فقط بالاتجاهات الراسخة في مجال الكهرباء والبنية التحتية، ولكن بشكل متزايد بالنمو الهائل في التقنيات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي.

 

 وتؤدي الوتيرة السريعة لبناء مراكز البيانات وعناقيد الحوسبة عالية الأداء والبنية التحتية الرقمية كثيفة الاستهلاك للطاقة إلى زيادة كبيرة في الطلب على الكهرباء، مما يؤدي بدوره إلى تضخيم الحاجة إلى النحاس عبر الشبكات وأنظمة النقل. أما في جانب العرض، فلا تزال هناك قيود.

 

ولفت التقرير إلى أن المخزونات تحوم بالقرب من أدنى مستوياتها التاريخية، ولا يزال الإنفاق الرأسمالي لشركات تعدين النحاس الكبرى متأخرا، فهو مقيد بعمليات التصاريح المعقدة، والمخاطر الجيوسياسية المتزايدة، وضغوط المستثمرين للحفاظ على الانضباط الرأسمالي. ومن المرجح أن يفرض هذا الاختلال بين العرض والطلب ارتفاعا في الأسعار لتحفيز الموجة التالية من الإنتاج. وتتعزز أهمية النحاس من خلال دوره الفريد في تمكين اللبنة الأساسية لكل من التحول في مجال الطاقة وثورة الذكاء الاصطناعي، مما يؤكد استمرار أدائه القوي في السنوات القادمة.

هل الموضوع مفيد؟
شكرا
اعرف / قارن / اطلب