لماذا تقود المملكة المتحدة صناعة الخدمات المصرفية الرقمية العالمية؟

تعد المملكة المتحدة لاعباً محورياً في تعزيز الابتكار في قطاع الخدمات المالية، حيث أصبحت الاستثمارات في الحلول التكنولوجية عبر المؤسسات المالية الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى، مع تحول العالم نحو العمل عن بعد والقنوات عبر الإنترنت بسبب وباء كورونا.

وقد زاد هذا من اعتماد برامج سحابية مثل نظام التشغيل المصرفي nCino لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة بكفاءة معالجة طلبات القروض في إطار حزم التحفيز التي قدمتها حكومة المملكة المتحدة مؤخرا، وحتى قبل هذا الوباء، لم يشعر سوى عدد قليل من الصناعات بأثر التطور التكنولوجي وتغيره أكثر من القطاع المصرفي.

تقليدياً.. يهيمن علي الخدمات المالية الرقمية عدد هائل من المنظمات الكبيرة في المملكة المتحدة، حيث فتحت التغيرات الكبيرة في المشهد التنظيمي السوق أمام مجموعة متنامية من المنافسين والتكنولوجيا المالية التي ساعدت في تمكين العصر الرقمي للخدمات المصرفية، ووفقاً لتقارير وزارة التجارة الدولية فإن هناك حوالي 89,000 شركة مالية في المملكة المتحدة.

ووفقا لتقرير أصدرته مجلة فينتك العالمية فإن هناك العديد من العوامل الرئيسية التي تجعل المملكة المتحدة رائدة في الخدمات المصرفية الرقمية، منها البيئة التنظيمية، فلا تزال المملكة المتحدة في مقدمة المرشحين لنهجها التنظيمي الداعم للابتكار في الخدمات المالية، ففي عام 2015، كانت المملكة المتحدة أول دولة تعمل في صندوق الحماية التنظيمي للتكنولوجيا المالية لتمكين الابتكار في المنتجات والخدمات.

وأدى نجاح استثمارات التكنولوجيا المالية في المملكة المتحدة إلى إعلان مجموعة كاملة من الدول بما في ذلك سنغافورة وأستراليا عن خططها لصناديق التمويل الخاصة بالتكنولوجيا المالية في نهاية عام 2016 ، وفقًا لهيئة السلوك المالي.

وقد وضع واضعو السياسات الحكومية والهيئات التنظيمية في المملكة المتحدة مخططاً تنظيمياً تقدمياً منفتحاً ومركزاً دولياً، وقد ألهم إطلاق التوجيه المتعلق بخدمات الدفع إنشاء الخدمات المصرفية المفتوحة وموجة جديدة من الابتكار.

وبالإضافة إلى بيئة تنظيمية لا مثيل لها، فإن شهية المملكة المتحدة للابتكار تجعلها بطلة لإنتاج الخدمات المالية المتطورة، وينظر إلى هذه الشهية في جميع أنحاء المملكة المتحدة، حيث هناك حاليا حوالي 12 مليون شخص في بريطانيا قد فتحوا حسابا مع بنوك رقمية وحوالي ثلثي البريطانيين استخدم بطاقات الاتصال مقارنة مع 3 % في الولايات المتحدة، وفقا لشبكة سي ان بي سي، كما أن شهية الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في المملكة المتحدة للخدمات المصرفية الرقمية كبيرة جداً، لا سيما في البيئة الحالية.

ويفيد بنك إنجلترا أن 83% من الشركات الصغيرة والمتوسطة في المملكة المتحدة تستخدم الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول، وهناك 5.82 مليون شركة صغيرة وصغيرة الحجم تشكل 99٪ من الشركات في المملكة المتحدة، وهذا هو قطاع مربح لكل من اللاعبين الراسخين والجدد.

مع سكانها الأصليين رقميا، أصبح كل من المستهلكين والشركات في المملكة المتحدة يتوقع تجربة رقمية سلسة سواء المصرفية شخصيا أو التقدم بطلب للحصول على قرض تجاري.

وتتفاعل البنوك بشكل إيجابي مع هذا الاتجاه، حيث اعتمد بنك سانتاندر حل سحابة nCino لتوفير المزيد من الكفاءة، وعملية إقراض أسرع وتعزيز الخدمة التي تقدمها للشركات الصغيرة والمتوسطة والعملاء، ومن خلال تنفيذ هذا البرنامج، تمكن البنك من تقليص الوقت لتسليم قرارات القروض للعملاء بنسبة 40% تقريبًا.

وقد يكون أحد أسباب تسارع المملكة المتحدة في اعتماد التكنولوجيا المالية المبتكرة هو أن المزيد من البنوك وشركات الخدمات المالية القائمة بدأت في تقديم منتجات التكنولوجيا المالية مباشرة إلى المستهلكين.

وسجلت المملكة المتحدة معدل اعتماد أعلى من التكنولوجيا المالية (71٪) مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 64%.

وباعتبار أكثر المؤسسات المالية التقليدية في المملكة المتحدة شريك مع التكنولوجيا المالية، فإن البلاد في وضع يمكنها من تزويد عملائها بخدمات رقمية رائدة على مستوى العالم في مجال الخدمات المصرفية التي لم تشهدها مناطق أخرى بعد.

التكنولوجيا والاستثمار

يعمل الآن أكثر من 2.1 مليون شخص في صناعة التكنولوجيا في المملكة المتحدة، وتتزايد مع استمرار فرص العمل في مجال التكنولوجيا في العبور إلى القطاعات الرئيسية مثل الخدمات المالية، حسب موقع Tech Nation.

وكان أداء قطاع التكنولوجيا الرقمية في المملكة المتحدة رائدًا عالميًا، وفي العام الماضي، اجتذبت الشركات البريطانية استثمارات قياسية بلغت 10 مليار جنيه إسترليني تتجاوز الإجمالي في فرنسا وألمانيا مجتمعتين، وفقا لرويترز.

ويتعين على المؤسسات المالية الراسخة أن تواكب الابتكار لكي تظل قادرة على المنافسة. يوركشاير بناء المجتمع (YBS) في الآونة الأخيرة في شراكة مع nCino لأتمتة المهام التي كانت في السابق الورقية واليدوية.

ومع استثمار المملكة المتحدة في التكنولوجيا الجديدة، إلى جانب شهيتها القوية للمنتجات المبتكرة والبيئة التنظيمية الرائدة، أثبتت مكانتها الفريدة لتسهيل الشركات الصغيرة والمتوسطة والمؤسسات المالية مع الأدوات اللازمة لتسيير الأعمال خلال هذا الوقت.

ومع استمرار عدد متزايد من المؤسسات المالية التقليدية في الشراكة مع شركات التكنولوجيا المالية داخل المملكة المتحدة، سنرى المنطقة تواصل وضع المعايير العالمية لتطبيق التكنولوجيا، وعلى نطاق أوسع، الابتكار في الخدمات المالية.